اطمأننتم فيها طيّبي النفوس ، سائرين سيرة من قبلكم في الظلم.
(وَتَبَيَّنَ لَكُمْ) بالأخبار المتواترة عندكم أو بالمشاهدة (كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) كيف أهلكناهم (وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) من أحوالهم ، أي : بيّنّا لكم أنّكم مثلهم في الكفر واستحقاق العذاب ، أو في صفات ما فعلوا وفعل بهم الّتي هي في الغرابة كالأمثال المضروبة.
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧))
ثمّ أبان سبحانه عن مكر الكفّار ودفعه ذلك عن رسله ، تسلية لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ) المستفرغ فيه جهدهم لإبطال الحقّ وتقرير الباطل (وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) يمكن أن يكون مضافا إلى الفاعل ، على معنى : ومكتوب عنده مكرهم ، فهو مجازيهم عليه. أو مضافا إلى المفعول ، يعني : وعنده ما يمكرهم به ، وهو عذابهم الّذي يأتيهم به من حيث لا يحتسبون ، جزاء لمكرهم وإبطالا له.
(وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ) بالأنبياء قبلك في العظم والشدّة (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) مسوّى لإزالة الجبال.
وقيل : «إن» نافية ، واللام مؤكّدة لها ، كقوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) (١).
(وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (٢). أي : وما كان مكرهم لتزول منه ما هو مثل
__________________
(١) الأنفال : ٣٣.
(٢) البقرة : ١٤٣.