(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩))
وعن ابن عبّاس : أنّ الشيطان ألقى في قلوبهم الخوف وقال : من أين تأكلون؟ فأمرهم الله بقتال أهل الكتاب ، وأغناهم بالجزية. ثم بيّن أنّ من الكفّار من يجوز تبقيته بالجزية ، فقال : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي : لا يؤمنون بهما على ما ينبغي ، كما بيّنّاه في أوائل (١) سورة البقرة ، فإنّ إيمانهم كلا إيمان ، ولأنّ اليهود مثنّية والنصارى مثلّثة.
(وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ) ما ثبت تحريمه بالكتاب والسنّة.
وقيل : رسوله هو الّذي يزعمون اتّباعه. والمعنى : أنّهم يخالفون أصل دينهم المنسوخ اعتقادا وعملا.
(وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ) الثابت الّذي هو ناسخ سائر الأديان ومبطلها.
فالمعنى : ولا يعتقدون دين الإسلام الّذي هو الحقّ. يقال : فلان يدين بكذا إذا اتّخذه دينه ومعتقده.
وقوله : (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) بيان لـ «الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ» (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) ما تقرّر عليهم أن يعطوه. مشتقّ من : جزى دينه إذا قضاه ، فإنّها قطعة من المال على أهل الذمّة أن يجزوه ، أي : يقضوه (عَنْ يَدٍ) حال من الضمير ، أي : عن يد مواتية غير ممتنعة ، بمعنى : منقادين. أو عن يدهم ، بمعنى : مسلّمين بأيديهم غير
__________________
(١) راجع ج ١ : ٥٩.