بالأعصار والأمم ، فلا معنى لإنكاركم المخالفة فيه.
(وَكَذلِكَ) ومثل ذلك الإنزال المشتمل على أصول الديانات المجمع عليها ، أو كما أنزل الكتب إلى من تقدّم من الأنبياء بلسانهم (أَنْزَلْناهُ حُكْماً) يحكم في القضايا والوقائع بما تقتضيه الحكمة (عَرَبِيًّا) مترجما بلسان العرب ، ليسهل لهم فهمه وحفظه. وانتصابه على الحال.
(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) الّتي يدعونك إليها ، كتقرير دينهم ، والصلاة إلى قبلتهم حين حوّلت عنها (بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بنسخ ذلك (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) ينصرك ويمنع العقاب عنك. وهو حسم لأطماعهم ، وتهييج للمؤمنين على التصلّب في دينهم ، والتثبّت فيه من الزلّة عند الشبهة بعد الاستمساك بالحجّة ، وإلّا فكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من شدّة الشكيمة بمكان عظيم.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠))
روي أنّهم كانوا يعيبون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بكثرة تزوّج النساء ، كما كانوا يقولون : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ) (١). وكانوا يقترحون عليه الآيات ، وينكرون النسخ. فقال الله سبحانه ردّا عليهم : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) بشرا مثلك (وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) نساء وأولادا ، كما هي لك.
__________________
(١) الفرقان : ٧.