وإسناد الملائكة التقدير إلى أنفسهم وهو فعل الله ، لما لهم من القرب والاختصاص به ، كما يقول خاصّة الملك : دبّرنا كذا وأمرنا بكذا ، والمدبّر والآمر هو الملك لا هم ، وإنّما يظهرون بذلك اختصاصهم وأنّهم لا يتميّزون عنه.
(فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥) وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦))
(فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) غير معروفين ، تنكركم نفسي وتنفر عنكم ، مخافة أن تطرقوني بشرّ.
(قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ) أي : ما جئناك بما تنكرنا لأجله ، بل جئناك بما يسرّك ويشفي لك من عدوّك ، وهو العذاب الّذي توعّدتهم به ، فيمترون فيه ، أي : يشكّون.
(وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِ) باليقين من عذابهم (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) فيما أخبرناك به من نزول العذاب عليهم.
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) فاذهب بهم في الليل. وقرأ الحجازيّان بوصل الهمزة ، من السّرى. وهما بمعنى. (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) في طائفة من الليل بعد ما يمضي أكثره (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) اقتف آثارهم ، وكن وراءهم تسرع بهم ، وتطّلع على حالهم ، لئلّا يتخلّف أحد منهم.