والحقير (إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) شاهدين مطّلعين عليه (إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) تخوضون فيه وتندفعون ، من : أفاض في العمل إذا اندفع فيه.
(وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ) ولا يبعد عنه ، ولا يغيب عن علمه. وقرأ الكسائي بكسر الزاي هنا وفي سبأ (١). (مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ) في موضع الرفع ، و «من» زائدة.
والذرّة ما يوازن نملة صغيرة أو هباء. (فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) أي : في الوجود والإمكان ، فإنّ العامّة لا تعرف ممكنا غيرهما ليس فيهما ولا متعلّقا بهما. وتقديم الأرض لأنّ الكلام في شؤون أهلها وأحوالهم وأعمالهم. والمقصود منه هو البرهان على إحاطة علمه بها. (وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) كلام برأسه مقرّر لما قبله. و «لا» نافية ، و «أصغر» اسمها ، و «في كتاب» خبرها.
وقرأ حمزة ويعقوب بالرفع على الابتداء والخبر. ومن عطف على لفظ «مثقال ذرّة» وجعل الفتح بدل الكسر ، لامتناع الصرف ، أو على محلّه مع الجارّ ، جعل الاستثناء منقطعا. والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ.
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤) وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥))
ولمّا ذكر أنّه يحصي أعمال خلقه بشّر من تولّاه وذكر ما أعدّ لهم ، فقال :
__________________
(١) سبأ : ٣.