ولمّا نفى المشاركة بين من يخلق ومن لا يخلق ، بيّن أنّهم لا يخلقون شيئا ، لينتج أنّهم لا يشاركونه ، فقال : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي : والآلهة الّذين يعبدونهم من دونه. وقرأ عاصم ويعقوب بالياء. (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) فكيف يجوز أن يكونوا شركاء لله في الألوهيّة؟! ثمّ أكّد ذلك بأن أثبت لهم صفات تنافي الألوهيّة ، فقال : (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) لأنّها ذوات ممكنة مفتقرة الوجود إلى التخليق ، والإله ينبغي أن يكون واجب الوجود.
(أَمْواتٌ) هم أموات لا تعتريهم الحياة ، أو أموات حالا أو مآلا (غَيْرُ أَحْياءٍ) بالذات ليتناول كلّ معبود ، والإله ينبغي أن يكون حيّا بالذات لا يعتريه الممات (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) ولا يعلمون وقت بعث عبدتهم. وفيه تهكّم بالمشركين ، وأن آلهتهم لا يعلمون وقت بعثهم ، فكيف يكون لهم وقت جزاء منهم على عبادتهم؟! والإله ينبغي أن يكون عالما بالغيوب ، مقدّرا للثواب والعقاب. وفيه تنبيه على أنّ البعث من توابع التكليف ، فإنّه لا بدّ للتكليف من الجزاء ، وهو بعد البعث.
(إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢) لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣))
ولمّا أقام الله سبحانه الحجج على بطلان الشرك والشركاء ، ذكر المدّعى وهو الوحدانيّة ، فقال : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).