ومساق الثاني لبيان عاقبته ، وأنّه لم يقع بعد.
(ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) ندما وغمّا ، لفواتها من غير مقصود. وجعل ذاتها حسرة ـ وهي عاقبة إنفاقها ـ مبالغة. (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) آخر الأمر ، وإن كان الحرب بينهم وبين المؤمنين سجالا قبل ذلك ، أي : مرّة تكون لهم ومرّة عليهم.
وفي هذا دلالة على صحّة نبوّة النبيّ ، لأنّه أخبر بالشيء قبل كونه ، فوجد على ما أخبر به.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) أي : ثبتوا على الكفر منهم ، إذ أسلم بعضهم (إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) يساقون.
(لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) أي : الفريق الخبيث ـ وهم الكافرون ـ من الفريق الطيّب ، وهم المؤمنون. أو يميز الفساد من الصلاح. واللّام متعلّقة بـ «يحشرون» أو «يغلبون» ، أو ما أنفقه المشركون في عداوة رسول الله ممّا أنفقه المسلمون في نصرته. وحينئذ اللّام متعلّقة بقوله : (ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً).
وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب : ليميّز من التمييز ، وهو أبلغ من الميز.
(وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ) ويجعل الفريق الخبيث من الكفّار (بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) فيجمعه ويضمّ بعضه إلى بعض حتّى يتراكبوا ، لفرط ازدحامهم. أو يضمّ إلى الكافر ما أنفقه ، ليزيد به عذابه ، ليعاقبهم به ، كما قال : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ) (١) الآية. (فَيَجْعَلَهُ) كلّه (فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ) إشارة إلى الخبيث ، لأنّه مقدّر بالفريق الخبيث ، أو إلى المنفقين (هُمُ الْخاسِرُونَ) الكاملون في الخسران ، لأنّهم خسروا أنفسهم وأموالهم.
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ
__________________
(١) التوبة : ٣٥.