إلى كونهم مبشّرين في الدارين (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) هذه الجملة والّتي قبلها اعتراض لتحقيق المبشّر به وتعظيم شأنه ، وليس من شرطه أن يقع بعده كلام يتّصل بما قبله.
(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) إشراكهم وتكذيبهم وتهديدهم وتدبيرهم في إبطال أمرك ، وسائر ما يتكلّمون في شأنك. وقرأ نافع : يحزنك ، من : أحزنه. وكلاهما بمعنى. (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) استئناف بمعنى التعليل ، كأنّه قيل : لا تحزن بقولهم ولا تبال بهم ، لأنّ الغلبة والقهر جميعا لله وفي ملكه ، لا يملك غيره شيئا منها ، فهو يقهرهم وينصرك عليهم (هُوَ السَّمِيعُ) لأقوالهم (الْعَلِيمُ) بعزماتهم ، فيكافئهم عليها.
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦))
ولمّا سلّى الله سبحانه نبيّه بقوله : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) فإنّهم لا يفوتونني ، بيّن بعد ذلك ما يدلّ على صحّته ، فقال : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) يعني : العقلاء والثقلين. وإذا كان العقلاء عبيده وفي مملكته ، ولا يصلح أحد منهم للإلهيّة ، فما وراءهم ممّا لا يعقل ولا يميّز أحقّ أن لا يكون له ندّا ولا شريكا ، فمن اتّخذ غيره ربّا من ملك أو إنسيّ أو جنّيّ فضلا عن صنم أو غير ذلك ، فهو مبطل تابع لما أدّى إليه التقليد وترك النظر.
(وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ) أي شركاء على الحقيقة ، وإن كانوا يسمّونها شركاء. ويجوز أن يكون «شركاء» مفعول «يدعون» ، ومفعول «يتّبع» محذوف دلّ عليه (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي : ما يتّبعون يقينا ، وإنّما يتّبعون ظنّهم أنّها شركاء. ويجوز أن تكون «ما» استفهاميّة منصوبة بـ «يتّبع» ، أي : أيّ شيء