اتّباعه عليهم في كلّ أمر إلّا ما خصّه الدليل ، وللتنبيه على أنّ التحدّي ممّا يوجب رسوخ إيمانهم وقوّة يقينهم ، فلا يغفلون عنه. ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويؤيّد الأوّل قوله بعد ذلك : (فَاعْلَمُوا) أيّها المؤمنون (أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) ملتبسا بما لا يعلمه إلّا الله ، ولا يقدر عليه سواه ، من نظم معجز لجميع الخلق ، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) واعلموا أن لا إله إلّا الله وحده ، لأنّه العالم القادر بما لا يعلم ، ولا يقدر عليه غيره ، ولظهور عجز آلهتهم ، ولتنصيص هذا الكلام الثابت صدقه بإعجازه عليه. وفيه تهديد وإقناط من أن يجيرهم من بأس الله آلهتهم. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ثابتون على الإسلام ، راسخون مخلصون فيه ، إذا تحقّق عندكم إعجازه مطلقا.
ويجوز أن يكون الخطاب للكفّار ، والضمير في «لم يستجيبوا» لـ «من استطعتم» ، فيكون المعنى : فإن لم يستجب لكم من تدعونهم إلى المظاهرة على المعارضة لعجزهم ، وقد عرفتم من أنفسكم القصور عن المعارضة ، فاعلموا أنّه نظم لا يعلمه إلّا الله ، وأنّه منزل من عنده ، وأنّ ما دعاكم إليه من التوحيد حقّ ، فهل أنتم مسلمون داخلون في الإسلام ، معتقدون للتوحيد ، بعد قيام الحجّة القاطعة؟! وفي مثل هذا الاستفهام إيجاب بليغ ، لما فيه من معنى الطلب ، والتنبيه على قيام الموجب وزوال العذر.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)