عليهم مخافة ـ فللدلالة على أنّه ضيق عارض غير ثابت عدل عن ضيّق إلى ضائق ـ (أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ) ينفقه في الاستتباع كالملوك (أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) يصدّقه. وقيل : الضمير في «به» مبهم يفسّره «أن يقولوا». (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ) ليس عليك إلّا الإنذار بما أوحي إليك ، ولا عليك ردّوا أو اقترحوا ، فما بالك يضيق به صدرك؟! (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) فتوكّل عليه ، فإنّه عالم بحالهم ، وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم.
روى العيّاشي بإسناده إلى أبي عبد الله عليهالسلام : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام : إنّي سألت ربّي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل ، وسألت ربّي أن يجعلك وصيّي ففعل. فقال بعض القوم : والله لصاع من تمر في شنّ (١) بال أحبّ إلينا ممّا سال محمّد ربّه ، فهلّا سأله ملكا يعضده على عدوّه أو كنزا يستغني به على فاقته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية».
ثمّ قال : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) «أم» منقطعة ، والهاء لـ «ما يوحى» (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ) كلّ واحدة منها (مِثْلِهِ) في البيان وحسن النظم. تحدّاهم أوّلا بعشر سور ، ثمّ لمّا عجزوا عنها سهّل الأمر عليهم وتحدّاهم بسورة. وتوحيد المثل مقام الأمثال باعتبار كلّ واحدة ، لأنّه أراد مماثلة كلّ واحدة منها له. (مُفْتَرَياتٍ) مختلقات من عند أنفسكم ، إن صحّ أنّي اختلقته من عند نفسي كما زعمتم ، فإنّكم عرب فصحاء مثلي تقدرون على مثل ما أقدر عليه ، بل أنتم أقدر ، لتعلّمكم القصص والأشعار ، وتعوّدكم نسق النظم وإنشاء الكلام المنثور الّذي كاللآلي (وَادْعُوا) في المعاونة على المعارضة (مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنّه مفترى.
(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) بإتيان ما دعوتم إليه. وجمع الضمير لأنّ المؤمنين أيضا كانوا يتحدّونهم ، وكان أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم متناولا لهم ، من حيث إنّه يجب
__________________
(١) الشّنّ : القربة الخلق الصغيرة.