معرفة الله والتوجّه بها إليه ـ أو أعمالهم للأصنام ، برماد طيّرته الريح العاصف ، فكما لا يقدر أحد على جمع ذلك الرماد المتفرّق والانتفاع به ، فكذلك هؤلاء الكفّار.
(لا يَقْدِرُونَ) يوم القيامة (مِمَّا كَسَبُوا) من أعمالهم (عَلى شَيْءٍ) لحبوطه ، فلا يرون له أثرا من الثواب. وهو فذلكة التمثيل. (ذلِكَ) إشارة إلى ضلالهم مع حسبانهم أنّهم محسنون (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) فإنّه الغاية في البعد عن طريق الحقّ.
وفي هذه الآية دلالة واضحة على بطلان قول المجبّرة ، لأنّه أضاف العمل إليهم ، ولو كان مخلوقا له سبحانه لما صحّ إضافته إليهم.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١))
ثمّ بيّن سبحانه أنّه إنّما خلق الخلق ليعبدوه وليؤمنوا به ، لا ليكفروا ، فقال : (أَلَمْ تَرَ) خطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمراد به أمّته. وقيل : لكلّ واحد من الكفرة على التلوين. (أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) بالحكمة والوجه الّذي يحقّ أن تخلق عليه ، ولم يخلقها عبثا ولا شهوة. وقرأ حمزة والكسائي : خالق السماوات.