(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يعدمكم (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) ويخلق مكانكم خلقا آخر. رتّب ذلك على كونه خالقا للسماوات والأرض استدلالا به عليه ، فإنّ من خلق أصولهم وما يتوقّف عليه تخليقهم ، ثمّ كوّنهم بتبديل الصور وتغيير الطبائع ، قدر أن يبدلهم بخلق آخر ، ولم يمتنع عليه ذلك ، كما قال : (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) بمتعذّر أو متعسّر ، بل هو يسير ، فإنّه قادر لذاته ، لا اختصاص له بمقدور دون مقدور. ومن كان هذا شأنه كان حقيقا بأن يعبد ويؤمن به ، رجاء لثوابه ، وخوفا من عقابه يوم الجزاء.
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) أي : يبرزون من قبورهم ويخرجون منها يوم القيامة لأمر الله ومحاسبته. أو لله على ظنّهم ، فإنّهم كانوا يخفون ارتكاب الفواحش ، ويظنّون أنّها تخفى على الله ، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله عند أنفسهم ، وعلموا أنّ الله لا تخفى عليه خافية. وإنّما ذكر بلفظ الماضي لتحقّق وقوعه. ونحوه قوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) (١).
ونظائره. والمعنى : وبرّزهم الله ، والله لا يتوارى عنه شيء حتى يبرز له كما ظنّوا.
(فَقالَ الضُّعَفاءُ) أي : الأتباع ، جمع ضعيف. يريد به ضعاف الرأي ، وإنّما كتبت بالواو على لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو. (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) لرؤسائهم الّذين استتبعوهم واستغووهم ، وصدّوهم عن الاستماع إلى الأنبياء (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) في تكذيب الرسل والإعراض عن نصائحهم. وهو جمع تابع ، كغائب وغيب. أو مصدر ، نحو خادم وخدم ، نعت به للمبالغة ، أو على إضمار مضاف ، أي : ذوي تبع.
__________________
(١) الأعراف : ٤٤.