أيضا مرويّ عن ابن مسعود وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ومجاهد وغيرهم.
وقال قتادة : نزلت الآية قبل تحريم الخمر ، ونزل تحريمها بعد ذلك في سورة المائدة (١).
وقال أبو مسلم : لا حاجة إلى ذلك ، سواء كان حراما أو حلالا ، لأنّه تعالى خاطب المشركين وعدّد إنعامه عليهم بهذه الثمرات ، والخمر من أشربتهم ، فكانت نعمة عليهم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يستعملون عقولهم بالنظر والتأمّل في الآيات. بيّن سبحانه بذلك أنّكم تستخرجون من الثمرات عصيرا يخرج من قشر قد اختلط به ، فكذلك يستخلص الله سبحانه ما تبدّد من الميّت ممّا هو مختلط به من التراب.
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٦٩))
ثمّ ذكر نعمة اخرى من نعمة الّتي تتضمّن كمال قدرته ، فقال : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ألهمها وقذف في قلوبها ، وعلّمها على وجه لا سبيل إلى الوقوف عليه.
وأصل الوحي عند العرب أن يلقي الإنسان إلى صاحبه شيئا بالاستتار والإخفاء.
__________________
(١) المائدة : ٩٠ ـ ٩١.