(أَنِ اتَّخِذِي) بأن اتّخذي. ويجوز أن تكون «أن» مفسّرة ، لأنّ في الإيحاء معنى القول. وتأنيث الضمير على المعنى ، فإنّ النحل مذكّر.
(مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) تتعسّل فيها (وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) أي : من الكرم ، لأنّه الّذي يعرش ويتّخذ منه العريش. أو ما يرفعون من سقوف البيوت ، فإنّ العرش سقف البيت. والمعنى : ما يبني الناس للنحل في الجبال والشجر والبيوت من الأماكن الّتي تتعسّل فيها ، ولولا إلهام الله إيّاها ما كانت تأوي إلى ما بني لها من بيوتها.
وإنّما أتى بلفظ الأمر وإن كانت النحل لا تعقل الأمر ولا تكون مأمورة ، لأنّه لمّا أتى بلفظ الوحي أجرى عليه لفظ الأمر اتّساعا. وذكر بحرف التبعيض ، لأنّها لا تبني في كلّ جبل وكلّ شجر وكلّ ما يعرش من كرم أو سقف ، ولا في كلّ مكان منها.
وإنّما سمّي ما تبنيه لتتعسّل فيه بيتا تشبيها ببناء الإنسان ، لما فيه من حسن الصنعة وصحّة القسمة ، الّتي لا يقوى عليها حذّاق المهندسين إلّا بآلات وأنظار دقيقة.
وقرأ ابن عامر وأبو بكر : يعرشون بضمّ الراء.
(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) من كلّ ثمرة تشتهينها ، فإذا أكلتها (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ) أي : الطرق الّتي ألهمك وأفهمك في عمل العسل. أو إذا أكلت الثمار في المواضع البعيدة من بيوتك ، فاسلكي راجعة إلى بيوتك الّتي هي سبل ربّك ، لا تضلّين فيها. أو فاسلكي ما أكلت في مسالك ربّك ، الّتي يحيل فيها بقدرته النّور (١) المرّ عسلا من أجوافك.
(ذُلُلاً) جمع ذلول. وهي حال من السبل ، أي : مذلّلة ذلّلها الله وسهّلها لك ،
__________________
(١) النّور : الزهر.