أو من الضمير في «اسلكي» أي : وأنت ذلل منقادة لما أمرت به.
(يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها) كأنّه عدل به عن خطاب النحل إلى خطاب الناس ، لأنّه محلّ الإنعام عليهم ، والمقصود من خلق النحل وإلهامه لأجلهم (شَرابٌ) يعني : العسل ، لأنّه ممّا يشرب. واحتجّ به من زعم أنّ النحل تأكل الأزهار والأوراق العطرة ، فتستحيل في بطنها عسلا ، ثمّ تقيء ادّخارا للشتاء. وفسّر البطون بالأفواه من زعم انّها تلتقط بأفواهها أجزاء طليّة (١) حلوة صغيرة متفرّقة على الأوراق والأزهار ، وتضعها في بيوتها ادّخارا ، فإذا اجتمع في بيوتها شيء كثير منها كان العسل.
(مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) أبيض وأصفر وأحمر وأسود ، بسبب اختلاف سنّ النحل والفصل (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) إمّا بنفسه كما في الأمراض البلغميّة ، أو مع غيره كما في سائر الأمراض ، إذ قلّما يكون معجون إلّا والعسل جزء منه. وليس الغرض أنّه بنفسه شفاء لكلّ مرض ، كما أنّ كلّ دواء كذلك. والدليل عليه أنّ التنكير مشعر بالتبعيض. ويجوز أن يكون للتعظيم ، فإنّه سبب لدفع معظم الأمراض.
وعن ابن بابويه في كتاب الاعتقادات : «اعتقادنا في العسل أنّه شفاء للأمراض البلغميّة».
وعن قتادة : أنّ رجلا جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «إنّ أخي يشتكي بطنه.
فقال : اسقه العسل. فذهب ثمّ رجع فقال : قد سقيته فما نفع. فقال : اذهب واسقه عسلا ، فقد صدق الله وكذب بطن أخيك. فسقاه فبرىء ، فكأنّما أنشط من عقال».
وعن عبد الله بن مسعود أنّه قال : عليكم بالشفاءين : القرآن والعسل.
وقيل : الضمير للقرآن ، أو لما بيّن الله من أحوال النحل.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فإنّ من تدبّر اختصاص النحل بتلك العلوم
__________________
(١) أي : ناعمة غضّة.