المسلمين ، فليس كلّ مسلم أيضا ممّن يصلح لأن يلي أمره ، بل إنّما يستأهل ولايته من كان برّا تقيّا ، فكيف بالكفرة وعبدة الأصنام؟
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن لا ولاية لهم عليه. كأنّه استثنى من كان يعلم ويعاند لطلب الرئاسة. أو أراد بالأكثر الجميع ، كما يراد بالقلّة العدم.
(وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥))
روي أنّهم كانوا يطوفون عراة ، الرجال والنساء ، مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفّقون ، فنزلت : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ) أي : دعاؤهم ، أو ما يسمّونه صلاة ، أو ما يضعون موضعها (إِلَّا مُكاءً) صفيرا ، من : مكا يمكو إذا صفر (وَتَصْدِيَةً) تصفيقا. وهو ضرب اليد على اليد. تفعلة من الصدى ، أو من : صدّ يصدّ ، كقوله تعالى : (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) (١) أي : يصيحون ، على إبدال أحد حرفي التضعيف بالياء.
واعلم أنّ مساق الكلام لتقرير استحقاقهم العذاب ، أو عدم ولايتهم للمسجد ، فإنها لا تليق ممّن هذه صلاته.
وقيل : كانوا يفعلون ذلك إذا قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلاته ، لما روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا صلّى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ، ورجلان عن يساره يصفّقان بأيديهما ، فيخلطان عليه صلاته ، فقتلهم الله جميعا ببدر ، كما قال : (فَذُوقُوا الْعَذابَ) يعني : القتل والأسر يوم بدر. وقيل : عذاب الآخرة. واللّام يحتمل أن تكون للعهد ، والمعهود : ائتنا بعذاب أليم (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) اعتقادا وعملا.
__________________
(١) الزخرف : ٥٧.