وفائدة بعث الشهداء مع علم الله سبحانه بذلك : أنّ ذلك أهول في النفس ، وأشدّ في الفضيحة ، إذا قامت الشهادة بحضرة الملأ ، مع جلالة الشهود وعدالتهم عند الله تعالى ، لأنّهم إذا علموا أنّ العدول عند الله يشهدون عليهم بين يدي الخلائق ، فإنّ ذلك يكون زجرا لهم عن المعاصي.
(ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) في الاعتذار ، إذ لا عذر لهم صحيح. وقيل : في الرجوع إلى الدنيا. و «ثمّ» لزيادة ما يحيق بهم من شدّة المنع عن الاعتذار ، لما فيه من الإقناط الكلّي على ما يمنون (١) به من شهادة الأنبياء عليهمالسلام. والمعنى : لا حجّة لهم ، فدلّ بترك الإذن على أنّ لا حجّة لهم ولا عذر. (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) ولا هم يسترضون ، من العتبى ، وهي الرضا ، أي : لا يقال لهم : أرضوا ربّكم ، لأنّ الآخرة ليست بدار عمل.
وانتصاب «يوم» بمحذوف تقديره : اذكر ، أو خوّفهم ، أو يحيق بهم ما يحيق. وكذا قوله : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ) أي : عذاب جهنّم (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ) أي : العذاب (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) يمهلون.
(وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ (٨٦) وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨))
ثمّ أبان سبحانه عن حال المشركين يوم القيامة ، فقال : (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ)
__________________
(١) أي : يبتلون ويختبرون ، يقال : مناه الله بكذا ، أي : ابتلاه.