وقيل : لمّا قال لهم يعقوب ذلك قالوا : بل قتله اللصوص. فقال عليهالسلام : فكيف قتلوه وتركوا قميصه ، وهم إلى قميصه أحوج منهم إلى قتله؟! (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أي : فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أجمل أو أحسن أو أمثل أو أولى. وفي الحديث : «الصبر الجميل الّذي لا شكوى فيه إلى الخلق».
(وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) أي : بالله أستعين على دفع ما تصفونه ، أو على احتمال ما تصفونه من هلاك يوسف.
(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠) وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢١) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢))
ثمّ أخبر سبحانه عن حال يوسف بعد إلقائه في الجبّ ، فقال : (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) رفقة يسيرون من مدين إلى مصر ، فنزلوا قريبا من الجبّ ، وكان ذلك بعد ثلاثة أيّام من إلقائه فيه ، فأخطأوا الطريق فنزلوا قريبا منه ، وكان الجبّ في قفره بعيدة من العمران ، وإنّما هو للرعاة ، وكان ماؤه ملحا فعذب (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ)