«حرّمنا» (وَما ظَلَمْناهُمْ) بتحريم ذلك عليهم (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه. وفيه تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم في التحريم ، وأنّه كما يكون للمضرّة يكون للعقوبة. واتّصل قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) الآية بما تقدّم ذكره من التحريم والتحليل ، ليبيّن أنّ ما كانوا يحرّمونه ويحلّلونه بزعمهم ليس في التوراة ، كما أنّه ليس ذلك في القرآن.
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩))
ثمّ ذكر سبحانه التائبين بعد تقدّم الوعد والوعيد ، فقال : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ) بسببها ، أو ملتبسين بها ، ليعمّ الجهل بالله وبعقابه ، وعدم التدبّر في العواقب لغلبة الشهوة. والسوء يعمّ الافتراء على الله وغيره. (ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) من بعد سوء الفعل (وَأَصْلَحُوا) نيّاتهم وأفعالهم (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) من بعد التوبة (لَغَفُورٌ) لذلك السوء (رَحِيمٌ) يثيب على الإنابة.
(إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣))
وبعد ذمّ المشركين وأهل الكتاب ، وتهديدهم بعقائدهم الزائغة وصفاتهم