موجب العبادة ولازم استحقاقها ، ثم نفاه عمّن سواه ، ليدلّ على قوله : (وَهُوَ الْواحِدُ) المتوحّد بالألوهيّة والربوبيّة (الْقَهَّارُ) الغالب على كلّ شيء ، وما عداه مربوب مقهور.
استدلّت المجبّرة بقوله : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله ، لأنّ ظاهر العموم يقتضي دخول أفعال العباد فيه. وبقوله : (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ). قالوا : لأنّه أنكر أن يكون خالق خلق كخلقه.
وأجيبوا عن ذلك : بأنّ الآية وردت حجّة على الكفّار ، ولو كان المراد ما قالوا لكان فيها حجّة لهم على الله ، لا له عليهم ، لأنّه إذا كان الخالق لعبادتهم الأصنام هو الله ، فلا يتوجّه التوبيخ إلى الكفّار ، ولا يلحقهم اللوم بذلك ، بل يكون لهم أن يقولوا : إنّك خلقت فينا ذلك ، فلم توبّخنا على فعل فعلته فينا؟ فيبطل حينئذ فائدة الآية. وأيضا عند الأكثر معنى الخلق الاختراع ، ولا يقدر العباد عليه ، وما أسند إلى العباد هو الفعل والإحداث.
(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (١٧) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨))