ولتتزيّنوا بها زينة. وقيل : هي معطوفة على محلّ «لتركبوها». وتغيير النظم لأنّ الزينة بفعل الخالق ، والركوب ليس بفعله. ولأنّ المقصود من خلقها الركوب ، وأمّا التزيّن بها فحاصل بالعرض. وليس فيه ما يدلّ على تحريم أكل لحومها ، كما استدلّ به بعض العامّة ، إذ لا يلزم من تعليل الفعل بما يقصد منه غالبا أن لا يقصد منه غيره أصلا. وقد روى البخاري في الصحيح (١) مرفوعا إلى اسماء بنت أبي بكر قالت : أكلنا لحم الفرس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولمّا فصّل الحيوانات الّتي يحتاج إليها غالبا ـ احتياجا ضروريّا أو غير ضروريّ ـ أجمل غيرها ، فقال : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) ويجوز أن يكون إخبارا بأنّ له من الخلائق ما لا علم لنا به ، من الحشرات في المفاوز والبحار. وأن يراد به ما خلق في الجنّة والنار ممّا لم يخطر على قلب بشر ، ليزيد دلالة على اقتداره بالإخبار بذلك ، وإن طوى عنّا علمه ، لحكمة ما في طيّه.
(وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩))
(وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) أي : بيان مستقيم الطريق الموصل إلى الحقّ.
فالقصد مصدر بمعنى الفاعل ، وهو القاصد ، يقال : سبيل قصد وقاصد ، أي : مستقيم ، كأنّه يقصد الوجه الّذي يؤمّه السالك لا يعدل عنه. أو المعنى : إقامة السبيل وتعديلها. أو عليه قصد السبيل ، يصل إليه من يسلكه لا محالة ، أي : واجب عليه هداية الطريق الموصل إلى الحقّ ، كقوله : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) (٢). والمعنى : واجب على الله في عدله بيان الطريق المستقيم ، وبيان الهدى من الضلالة ، والحلال من
__________________
(١) صحيح البخاري ٧ : ١٢٣.
(٢) الليل : ١٢.