مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٩٧))
ثمّ بيّن سبحانه صحّة نبوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) من القصص. وهذا على سبيل الفرض والتقدير ، كما تقول لعبدك : إن كنت عبدي فأطعني ، ولأبيك : إن كنت والدي فتعطّف عليّ ، ولولدك : إن كنت ابني فبرّ بي ، ويريد بذلك المبالغة. (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) فاسأل علماء أهل الكتاب ، كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار وتميم الداري وغيرهم ، فإنّه محقّق عندهم ، ثابت في كتبهم على نحو ما ألقينا إليك. والمراد تحقيق ذلك ، والاستشهاد بما في الكتب المتقدّمة ، وأنّ القرآن مصدّق لما فيها ، أو وصف أهل الكتاب بالرسوخ في العلم بصحّة ما أنزل إليه ، أو تهييج الرسول وزيادة تثبيته ، كما ازداد إبراهيم بمعاينة إحياء الموتى ، لا إمكان وقوع الشكّ له ، ولذلك قال عليهالسلام : «لا أشكّ ولا أسأل».
وعن الصادق عليهالسلام : «لم يشكّ عليهالسلام ولم يسأل».
وقيل : الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمراد أمّته أو كلّ من يسمع ، أي : إن كنت أيّها السامع في شكّ ممّا أنزلنا على لسان نبيّنا إليك. وفيه تنبيه على أنّ من خالجته شبهة في الدين ينبغي أن يسارع إلى حلّها بالرجوع إلى أهل العلم.
وعلى المعنى المذكور أيضا قوله : (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي : ثبت عندك بالآيات القاطعة والبراهين الساطعة أنّ ما أتاك هو الحقّ الواضح الّذي لا مدخل للمرية فيه (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) بالتزلزل عمّا أنت عليه من الحزم واليقين.