ثمّ صرّح بالنهي عن نقض العهد بعد التضمين ، تأكيدا ومبالغة في قبح المنهيّ ، فقال : (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) أي : خيانة وخديعة كما مرّ. (فَتَزِلَّ قَدَمٌ) عن محجّة الإسلام (بَعْدَ ثُبُوتِها) عليها. والمراد أقدامهم. وإنّما وحّد ونكّر للدلالة على أنّ زلل قدم واحدة عظيم ، فكيف بأقدام كثيرة؟! (وَتَذُوقُوا السُّوءَ) العذاب في الدنيا (بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بسبب صدودكم عن الوفاء ، فإنّ من نقض البيعة وارتدّ جعل ذلك سنّة لغيره (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في الآخرة.
روي عن سلمان الفارسي أنّه قال : تهلك هذه الأمّة بنقض مواثيقها.
وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «نزلت هذه الآيات في ولاية عليّ عليهالسلام ، وما كان من قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين».
(وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) ولا تستبدلوا عهد الله وبيعة رسوله (ثَمَناً قَلِيلاً) عرضا يسيرا من الدنيا ، وهو ما كانت قريش يعدون لضعفاء المسلمين ويمنّونهم ويشترطون لهم على الارتداد (إِنَّما عِنْدَ اللهِ) من النصر والتغنيم في الدنيا ، والثواب في الآخرة (هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ممّا يعدونكم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي : كنتم من أهل العلم والتمييز.
(ما عِنْدَكُمْ) من أعراض الدنيا (يَنْفَدُ) ينقضي ويفنى (وَما عِنْدَ اللهِ) من خزائن رحمته (باقٍ) لا ينفد. وهو تعليل للحكم السابق ، ودليل على أنّ نعيم أهل الجنّة باق.
(وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ) على الفاقة وأذى المشركين ، أو على مشاقّ التكاليف. وقرأ ابن كثير وعاصم بالنون. (بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) بما يرجّح فعله من أعمالهم ، كالواجبات والمندوبات. أو بجزاء أحسن من أعمالهم.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧))
روي عن ابن عبّاس : أنّ رجلا من حضر موت يقال له عبدان الأشرع قال : يا