رسول الله إنّ امرء القيس الكندي جاورني في أرضي فاقتطع من أرضي ، فذهب بها منّي ، والقوم يعلمون أنّي لصادق ، ولكنّه أكرم عليهم منّي.
فسأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم امرء القيس عنه. فقال : لا أدري ما يقول. فأمره أن يحلف.
فقال عبدان : إنّه فاجر لا يبالي أن يحلف.
فقال : إن لم يكن لك شهود فخذ بيمينه.
فلمّا قام ليحلف أنظره ، فانصرفا ، فنزل قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) الآيتان.
فلمّا قرأهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال امرؤ القيس : أمّا ما عندي فينفد ، وهو صادق فيما يقول ، لقد اقتطعت أرضه ، ولم أدركم هي ، فليأخذ من أرضي ما شاء ، ومثلها معها بما أكلت من ثمرها.
فنزل فيه : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) بيّنه بالنوعين دفعا للتخصيص (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) إذ لا اعتداد بأعمال الكفرة في استحقاق الثواب (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) في الدنيا يعيش عيشا طيّبا ، فإنّه إن كان موسرا فظاهر ، وإن كان معسرا يطيب عيشه بالقناعة والرضا بالقسمة ، وتوقّع الأجر العظيم في الآخرة ، بخلاف الكافر ، فإنّه إن كان معسرا فظاهر ، وإن كان موسرا لم يدعه الحرص وخوف الفوات أن يتهنّأ بعيشه.
وعن ابن عبّاس : الحياة الطيّبة الرزق الحلال. وعن قتادة : يعني بها في الآخرة. وقيل : هي حلاوة الطاعة والتوفيق في قلبه.
(وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الطاعة ، كقوله : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) (١).
__________________
(١) آل عمران : ١٤٨.