المؤمنون ، فهو خير ممّا تجمعونه أيّها المخاطبون.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٦٠))
ثمّ أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخاطب كفّار مكّة ، فقال : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ) جعل الرزق منزلا لأنّه مقدّر في السماء ، محصّل بأسباب منها. و «ما» في موضع النصب بـ «أنزل» أو بـ «أرأيتم» ، فإنّه بمعنى : أخبروني. و «لكم» دلّ على أنّ الرزق لا يكون إلّا حلالا ، ولذا وبّخ على التبعيض فقال : (فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً) مثل : (هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) (١) (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) (٢) وكالسائبة والبحيرة والوصيلة والحام ونحوها.
(قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) في التحريم والتحليل ، فتقولون ذلك بحكمه (أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) في نسبة ذلك إليه؟! ويجوز أن تكون المنفصلة متّصلة بـ «أرأيتم» ، و «قل» تكرير للتأكيد ، وأن يكون الاستفهام للإنكار و «أم» منقطعة. ومعنى الهمزة فيها تقرير لافترائهم على الله تعالى.
وكفى بهذه الآية زاجرة زجرا بليغا عن التجوّز فيما يسأل عنه من الأحكام ، وباعثة على وجوب الاحتياط فيه ، وأن لا يقول أحد في شيء جائز أو غير جائز
__________________
(١ ، ٢) الأنعام : ١٣٨ ـ ١٣٩.