(وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) بأن حبّبه إلى الناس ، حتّى إنّ أرباب الملل جميعا يتولّونه ويثنون عليه ، ورزقه أولادا طيّبة ، وعمرا طويلا في السعة والطاعة.
وقيل : هي قول المصلّي منّا : كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم.
(وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لمن أهل الجنّة ، كما سأله بقوله : (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (١). وناهيك بهذا ترغيبا في الصلاح. ولم يقل : لفي أعلى منازل الصالحين ، مع اقتضاء حاله ذلك ، ترغيبا في الصلاح ، فإنّه عزّ اسمه بيّن أنّه عليهالسلام من جملة الصالحين ، مع علوّ رتبته وشرف منزلته ، تشريفا لهم وتنويها بذكر من هو منهم.
(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمّد. وذكر «ثمّ» إمّا لتعظيم منزلة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإجلال محلّه ، والإيذان بأنّ أشرف ما أوتي خليل الله إبراهيم من الكرامة ، وأجلّ ما أولي من النعمة ، اتّباع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ملّته ، فإنّها دلّت على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت الّتي أثنى الله عليه بها ، أو لتراخي أيّامه.
(أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) في التوحيد والدعوة إليه بالرفق ، وإيراد الدلائل مرّة بعد اخرى ، والمجادلة مع كلّ أحد على حسب فهمه (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بل كان قدوة الموحّدين.
(إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤))
ولمّا أمر سبحانه باتّباع الحقّ ، حذّر من الاختلاف فيه ، بما ذكر من أحوال المختلفين في السبت ، كيف شدّد عليهم فرضه ، وضيّق عليهم أمره ، فقال :
__________________
(١) الشعراء : ٨٣.