أرفع درجة منه في علمه ، حتّى ينتهي إلى الله تعالى العالم لذاته ، فلا يختصّ بمعلوم دون معلوم ، فيقف عليه ولا يتعدّاه.
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ (٧٧) قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨) قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ (٧٩))
روي : أنّهم لمّا استخرجوا الصاع من رحل بنيامين نكس إخوته رؤوسهم حياء ، وأقبلوا عليه وقالوا له : ما الّذي صنعت؟ فضحتنا وسوّدت وجوهنا ، يا بني راحيل ما يزال لنا منكم بلاء ، متى أخذت هذا الصاع؟ ثمّ (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ) بنيامين (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ) يعنون يوسف (مِنْ قَبْلُ) فليست سرقته بأمر بديع ، فإنّه اقتدى بأخيه يوسف.
قيل : ورثت عمّته من أبيها منطقة (١) إبراهيم ، وكانت تحضن يوسف وتحبّه حبّا شديدا ، فلمّا ترعرع أراد يعقوب انتزاعه منها ، فشدّت المنطقة على وسطه ثمّ أظهرت ضياعها ، فتفحّص عنها فوجدت محزومة عليه ، فصارت أحقّ به في شريعتهم.
__________________
(١) المنطقة : ما ينتطق به ، اي : يشدّ على الوسط.