زرعا أو طعاما لأحد من أهل الأسواق. (وَما كُنَّا سارِقِينَ) وما كنّا نوصف قطّ بالسرقة ، فالسرقة منافية لحالنا.
(قالُوا فَما جَزاؤُهُ) فما جزاء السارق أو السرق أو الصواع ، على حذف المضاف ، أي : جزاء سرقة الصواع (إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) في ادّعاء البراءة.
(قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) أي : جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله ، واسترقاقه سنة. هكذا كان شرع يعقوب عليهالسلام. وقوله : «فهو جزاؤه» تقرير للحكم وإلزام له ، أو خبر «من» والفاء لتضمّنها معنى الشرط ، أو جواب لكلمة «من» على أنّها شرطيّة. والجملة كما هي خبر «جزاؤه» على إقامة الظاهر فيها مقام الضمير ، كأنّه قيل : جزاؤه من وجد في رحله فهو هو. (كَذلِكَ) مثل ما ذكرناه من الجزاء (نَجْزِي الظَّالِمِينَ) بالسرقة ، يعني : إذا سرقوا استرقّوا.
(فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ) فبدأ المؤذّن. وقيل : بدأ يوسف بأوعيتهم ، لأنّهم ردّوا إلى مصر. (قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ) بنيامين نفيا للتهمة (ثُمَّ اسْتَخْرَجَها) أي : السقاية أو الصواع ، لأنّه يذكّر ويؤنّث (مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ).
(كَذلِكَ) مثل ذلك الأمر الخفيّ الّذي هو في صورة الكيد والبهتان لا حقيقة ، كما مرّ (١) في تفسير قوله : «ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ ... إلخ» (كِدْنا لِيُوسُفَ) بأن علّمناه إيّاه وأوحينا به إليه ليتوصّل بما يتهيّأ له أن يحبس أخاه ، ليكون ذلك سببا لوصول خبره إلى أبيه (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) ملك مصر ، لأنّ دينه الضرب وتغريم ضعف ما أخذ ، دون الاسترقاق. وهو بيان للكيد (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) إلّا بمشيئة الله وإذنه أن يجعل ذلك الحكم حكم الملك. فالاستثناء من أعمّ الأحوال. ويجوز أن يكون منقطعا ، أي : لكن أخذه بمشيئة الله تعالى وإذنه.
(نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بالعلم ، كما رفعنا درجة يوسف (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)
__________________
(١) راجع ص : ٣٩٥.