وقيل : كان تعبئة السقاية والنداء على السرقة برضا بنيامين.
وكانت عبارة الكشّاف هكذا : «وروي أنّه قال له : أنا لا أفارقك. قال : قد علمت اغتمام والدي بي ، فإذا حبستك ازداد غمّه ، ولا سبيل إلى ذلك إلّا أن أنسبك إلى ما لا يجمل. قال : لا أبالي فافعل ما بدا لك. قال : فإنّي أدسّ صاعي في رحلك ، ثمّ أنادي عليك بأنّك قد سرقته ، ليتهيّأ لي ردّك بعد تسريحك معهم. قال : افعل» (١).
انتهى كلامه.
أقول : ظاهر هذه الرواية غير مطابق لأصول الكلام كما لا يخفى.
وقال في المجمع : «ويجوز أن يكون ذلك بأمر الله تعالى. وروي أنّه أعلم أخاه بذلك ليجعله طريقا إلى التمسّك به» (٢).
(قالُوا) قال أصحاب العير (وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) حال كونهم مقبلين على أصحاب يوسف (ما ذا تَفْقِدُونَ) أيّ شيء ضاع عنكم؟ والفقد غيبة الشيء عن البصر بحيث لا يعرف مكانه.
(قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) من الطعام ، جعلا له (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) كفيل أؤدّيه إلى من ردّه. وفيه دليل على جواز الجعالة وضمان الجعل قبل تمام العمل.
(قالُوا تَاللهِ) قسم فيه معنى التعجّب. والتاء بدل من الباء ، مختصّة بالله سبحانه. (لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ) استشهدوا بعلمهم على براءة أنفسهم ، لما عرفوا منهم في كرّتي مجيئهم ومداخلتهم للملك ممّا يدلّ على فرط أمانتهم ، كردّ البضاعة الّتي جعلت في رحالهم ، وكعم (٣) أفواه الدوابّ لئلّا تتناول
__________________
(١) الكشّاف ٢ : ٤٨٩.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٢٥٢.
(٣) كعم البعير كعما : شدّ فمه لئلّا يعضّ أو يأكل.