أهل النار.
(وَآخِرُ دَعْواهُمْ) وآخر دعائهم (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي : أن يقولوا ذلك. وقيل : إنّهم إذا دخلوا الجنّة وعاينوا عظمة الله وكبرياءه مجّدوه ونعتوه بنعوت الجلال ، ثمّ حيّاهم الملائكة بالسلامة عن الآفات والفوز بأصناف الكرامات ، أو الله تعالى (١) ، فحمدوه وأثنوا عليه بصفات الإكرام. و «أن» هي المخفّفة من الثقيلة.
وأصله : أنّه الحمد ، على أنّ الضمير للشأن.
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١))
ثمّ عاد الكلام إلى ذكر المائلين إلى الدنيا ، المطمئنّين إليها ، الغافلين عن الآخرة ، فقال : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) ولو يسرعه إليهم إذا دعوا به على أنفسهم أو على أهاليهم عند الغيظ والضجر ، مثل قول الإنسان : رفعني الله من بينكم ، وقوله لولده : اللهمّ العنه ولا تبارك فيه (اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) أي : كما يعجّل لهم إجابة الدعوة بالخير إذا استعجلوها. فوضع موضع تعجيله لهم بالخير إشعارا بسرعة إجابته لهم في الخير ، حتّى كأنّ استعجالهم به تعجيل لهم ، أو بأنّ المراد شرّ استعجلوه ، كقولهم : فأمطر علينا حجارة من السماء. وتقدير الكلام : لو يعجّل الله للناس الشرّ تعجيله للخير حين استعجلوه استعجالا كاستعجالهم بالخير ، فحذف منه ما حذف لدلالة الباقي عليه.
والمعنى : لو عجّلنا لهم الشرّ الّذي دعوا به كما نعجّل لهم الخيرات ونجيبهم إليه (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) لأميتوا وأهلكوا. وقرأ ابن عامر ويعقوب : لقضى على
__________________
(١) أي : حيّاهم الله تعالى.