(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩) وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠) وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣))
ثمّ أخبر سبحانه عن كمال قدرته ، فقال : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) لاضطرّ الناس وقسرهم إلى أن يكونوا أهل أمّة واحدة ، أي : ملّة واحدة ، وهي ملّة الإسلام ، كقوله : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) (١). وذلك بأن يخلق في قلوبهم العلم بأنّهم لو راموا غير ذلك لمنعوا منه. ولكن ذلك ينافي التكليف ، ويبطل الغرض بالتكليف ، لأنّ الغرض استحقاق الثواب ، والإلجاء يمنع من استحقاق الثواب ، فلذلك لم يشأ الله ذلك ، بل مكّنهم من الاختيار الّذي هو أساس التكليف ، ليستحقّوا الثواب ، فاختار بعضهم الحقّ وبعضهم الباطل.
(وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) أي : في الأديان ، يهوديّ ونصرانيّ ومجوسيّ وغير ذلك (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) أي : إلّا ناسا من المؤمنين ، فإنّه سبحانه هداهم ولطف بهم ،
__________________
(١) الأنبياء : ٩٢.