شيئا من ذلك ، فكيف بالجماد؟! (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) فلا تجعلوا له مثلا تشركونه به أو تقيسونه عليه ، فإنّ ضرب المثل تشبيه حال بحال (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) فساد ما تعوّلون عليه من القياس ، على أنّ عبادة عبيد الملك أدخل في التعظيم من عبادته (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك ، ولو علمتموه لما جرّأتم عليه. أو أنّ الله يعلم كنه ما تفعلون وعظمه ، وهو معاقبكم عليه بما يوازيه في العظم ، لأنّ العقاب على مقدار الإثم ، وأنتم لا تعلمون كنهه وكنه عقابه ، فذاك هو الّذي جرّكم إليه وجرّأكم عليه ، فهو تعليل للنهي. أو أنّه يعلم كنه الأشياء وأنتم لا تعلمونه ، فدعوا رأيكم دون نصّه.
ويجوز أن يراد : فلا تضربوا لله الأمثال ، فإنّه يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥))
ثمّ علّمهم كيف يضرب مثلا لنفسه ولمن عبد دونه ، فقال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) بيّن الله تبيينا فيه بيان المقصود ، تقريبا للخطاب إلى أفهامهم. ثمّ أبدل من المثل قوله : (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ) من أمره (عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ) وحرّا رزقناه وملّكناه مالا ونعمة (مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) لا يخاف من أحد (هَلْ يَسْتَوُونَ) لم يقل : يستويان ، لأنّه أراد بقوله : (وَمَنْ رَزَقْناهُ) وقوله : (عَبْداً مَمْلُوكاً) الشيوع في الجنس لا التخصيص ، فإنّ المعنى : هل يستوي