لأنّ كلّ الطيّبات في الجنّة ، وما طيّبات الدّنيا إلّا أنموذج منها.
(أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) وهو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها ، وأنّ من الطيّبات ما يحرم عليهم ، كالبحائر والسوائب (وَبِنِعْمَتِ اللهِ) المشاهدة المعاينة الّتي لا شبهة فيها لذي عقل وتمييز أنّها من الله (هُمْ يَكْفُرُونَ) وينكرون لها كما ينكر المحال الّذي لا يتصوّره العقل.
وقيل : الباطل ما يسوّل لهم الشيطان من تحريم البحائر والسوائب وغيرهما ، ونعمة الله ما أحلّ لهم في السماوات والأرض ، فأضافوا نعمه إلى الأصنام ، أو حرّموا ما أحلّ الله لهم.
وتقديم الصلة على الفعل إمّا للاهتمام ، أو لإيهام التخصيص مبالغة ، أو للمحافظة على الفواصل.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً) من مطر ونبات. و «رزقا» إن جعلته مصدرا فـ «شيئا» منصوب به. وإن أردت المرزوق كان «شيئا» بدلا منه ، بمعنى : قليلا منه. و (مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) صلة للرزق إن كان مصدرا ، بمعنى : لا يرزق من السماوات مطرا ، ولا من الأرض نباتا. أو صفة إن كان اسما لما يرزق.
(وَلا يَسْتَطِيعُونَ) ليس فيه تقدير راجع ، وإنّما المعنى : لا يملكون أن يرزقوا ، والاستطاعة منفيّة عنهم أصلا ، لأنّهم موات. أو يقدّر الراجع ، ويراد بالجمع بين نفي الملك والاستطاعة التوكيد. أو يراد : أنّهم لا يملكون الرزق ، ولا يمكنهم أن يملكوه ، ولا يتأتّى ذلك منهم. وعلى التقادير ، لا يكون معنى قوله : «لا يملك» و «ولا يستطيعون» شيئا واحدا ليلزم التكرار. وجمع الضمير في «لا يستطيعون» وتوحيده في «لا يملك» ، لأنّ «ما» مفرد في معنى الآلهة.
ويجوز أن يعود إلى الكفّار ، أي : ولا يستطيع هؤلاء ـ مع أنّهم أحياء متصرّفون ـ