(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠) ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢))
(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ) يئسوا من يوسف وإجابته إيّاهم. وزيادة السين والتاء للمبالغة ، مثل : استعصم. وعن البزّي : استأيس ، بالألف وفتح الياء من الهمزة. وإذا وقف حمزة ألقى حركة الهمزة على الياء على أصله. (خَلَصُوا) انفردوا عن الناس واعتزلوا بحيث لا يخالطهم سواهم (نَجِيًّا) متناجين. وإنّما وحّده لأنّه مصدر أو بزنته ، كما قيل : هم صديق. وجمعه أنجية ، كـ : نديّ وأندية. أو كان التقدير : ذوي نجوى ، أو فوجا نجيّا ، أي : متناجيا. وكان تناجيهم في تدبير أمرهم ، أيرجعون أم يقيمون؟ وإذا رجعوا فما ذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم؟
(قالَ كَبِيرُهُمْ) في السنّ ، وهو روبيل ابن خالة يوسف ، وهو الّذي نهى إخوته عن قتله. أو في الرأي والعلم ، وهو شمعون ، وكان رئيسهم. وقيل : في الشجاعة ، وهو يهوذا. وعن محمّد بن إسحاق وعليّ بن إبراهيم بن هاشم (١) أنّه
__________________
(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ : ٣٤٩.