إلّا بعد إيقان وإتقان ، ومن لم يوقن فليتّق الله وليصمت ، وإلّا فهو مفتر على الله.
(وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أيّ شيء ظنّهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي : أيحسبون أنّهم لا يجازون عليه يوم الجزاء؟ وهو منصوب بالظنّ. وفي إبهام الوعيد تهديد عظيم.
(إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) حيث أنعم عليهم بالعقل ، وهداهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) هذه النعم الجليلة.
(وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١))
ثمّ بيّن سبحانه أنّ إمهاله إيّاهم ليس لجهل بحالهم ، فقال : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ) أي : لا تكون يا محمّد في أمر من أمور الدين وحال من أحواله ، من تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة وغير ذلك. وأصله الهمزة ، من : شأنت شأنه إذا قصدت قصده. والضمير في قوله : (وَما تَتْلُوا مِنْهُ) للشأن ، لأنّ تلاوة القرآن معظم شأن الرسول ، أو لأنّ القرآن يكون لشأن ، فيكون التقدير : من أجله. ومفعول «تتلو» : (مِنْ قُرْآنٍ) على أنّ «من» تبعيضيّة ، أو مزيدة لتأكيد النفي. أو للقرآن ، وإضماره قبل الذكر ثمّ بيانه تفخيم له. أو لله تعالى.
(وَلا تَعْمَلُونَ) أنتم جميعا (مِنْ عَمَلٍ) تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم ، ولذلك ذكر حيث خصّ ما فيه فخامة ، وذكر حيث عمّ ما يتناول الجليل