نبيّهم. أو معجزاته ، كالناقة وسقبها (١) وشربها ودرّها. أو ما نصب لهم من الأدلّة.
(وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) من الانهدام ، لاستحكامها جدّا.
أو من نقب اللصوص وتخريب الأعداء ، لوثاقتها. أو من العذاب ، لفرط غفلتهم ، أو حسبانهم أنّ الجبال تحميهم منه.
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَما أَغْنى عَنْهُمْ) فما دفع عنهم العذاب (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من بناء البيوت الوثيقة ، واستكثار الأموال والعدد.
عن جابر قال : مررنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على الحجر فقال لنا : «لا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم إلّا أن تكونوا باكين ، حذرا أن يصيبكم مثل ما أصاب هؤلاء». ثمّ زجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم راحلته فأسرع حتّى خلّفها.
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦))
ثمّ بيّن سبحانه أنّ إهلاك هؤلاء الأمم لأجل أنّهم خالفوا الحقّ ، فقال : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) خلقا ملتبسا بالحقّ لا يلائم استمرار الفساد ودوام الشرور ، فلذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء ، وإزاحة فسادهم من الأرض.
(وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) فينتقم الله لك فيها ممّن كذّبك من أعدائك ، ويجازيك وإيّاهم على حسناتك وسيّئاتهم ، فإنّه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلّا لذلك (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) فأعرض عنهم إعراضا جميلا ، فلا تعجل بالانتقام منهم ، وعاملهم معاملة الصفوح الحليم. وقيل : هو منسوخ بآية السيف (٢). ويجوز
__________________
(١) السقب : ولد الناقة ساعة يولد.
(٢) التوبة : ٥ و ٢٩.