حقيقة الشيء بسمته. يقال : توسّمت في فلان كذا ، أي : عرفت وسمه فيه. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اتّقوا فراسة المؤمن ، فإنّه ينظر بنور الله.
وقال : إنّ لله عبادا يعرفون الناس بالتوسّم ، ثمّ قرأ هذه الآية.
(وَإِنَّها) وإنّ المدينة أو القرى (لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) ثابت يسلكه الناس ، ويرون آثارها. وهو تنبيه لقريش ، كقوله : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) (١).
ذكر عليّ بن إبراهيم في تفسيره أنّه روي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «نحن المتوسّمون ، والسبيل فينا مقيم ، والسبيل طريق الجنّة» (٢).
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) بالله ورسله. خصّهم بالذكر ، لأنّهم هم المنتفعون بها.
(وَإِنْ كانَ) وإنّه كان (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ) هم قوم شعيب كانوا يسكنون الغيضة ، فبعثه الله إليهم فكذّبوه فأهلكوا بالظلّة. والأيكة الشجرة المتكاثفة.
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) بالإهلاك. روي : أنّهم أهلكوا بالظلّة الّتي احترقوا بنارها.
(وَإِنَّهُما) يعني : سدوم والأيكة. وقيل : الأيكة ومدين ، فإنّه كان مبعوثا إليهما ، فكان ذكر إحداهما منبّها على الاخرى. (لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) لبطريق واضح يؤتمّ ويتّبع ويهتدى به باعتباره. والامام اسم ما يؤتمّ به ، فسمّي به اللوح الّذي يكتب فيه ومطمر البناء ـ وهو حبل يقدّر به البناء ـ لأنّه ممّا يؤتمّ به.
(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) يعني : ثمود كذّبوا صالحا ، ومن كذّب واحدا من الرسل فكأنّما كذّب الجميع. ويجوز أن يراد بالمرسلين صالحا ومن معه من المؤمنين. والحجر واد بين المدينة والشام يسكنونه.
(وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) يعني : آيات الكتاب المنزل على
__________________
(١) الصافّات : ١٣٧.
(٢) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ : ٣٧٧.