بالعجز عشر سنين ، ثمّ قارعهم بالسيف فلم يعارضوا سورة ، مع أنفتهم وفرط استنكافهم أن يغلبوا ، خصوصا في باب البلاغة والفصاحة.
(وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا) القرآن (هُوَ الْحَقَ) منزلا (مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) أي : حجارة من سجّيل عقوبة على إنكاره ، كما فعلت بأصحاب الفيل (أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) بنوع آخر من أنواع العذاب.
هذا أيضا من كلام النضر.
روي أنّه لمّا قال : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) قال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ويلك إنّه كلام الله. فقال ذلك.
ومراده من هذا القول التهكّم وإظهار اليقين والجزم التامّ على كونه باطلا ، فكان تعليق العذاب بكونه حقّا مع اعتقاد أنّه ليس بحقّ كتعليقه بالمحال عنده ، كما في قولك : إن كان الباطل حقّا فأمطر علينا حجارة.
وفائدة تعريف الحقّ الدلالة على أنّ المعلّق به كونه حقّا بالوجه الّذي يدّعيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو تنزيله ، لا الحقّ مطلقا ، لتجويزهم أن يكون مطابقا للواقع غير منزل ، كأساطير الأوّلين.
روي أنّ معاوية قال لرجل من سبأ : ما أجهل قومك حين ملّكوا عليهم امرأة!! قال : أجهل من قومي قومك ، قالوا لرسول الله حين دعاهم إلى الحقّ : «إن كان هذا هو الحق فأمطر علينا حجارة» ولم يقولوا : إن كان هذا هو الحقّ فاهدنا له.
(وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤))
ثمّ ذكر سبحانه سبب إمهالهم ، وموجب التوقّف في إجابة دعائهم ، مع فرط