براح (١). والأوّل مرويّ عن ابن عبّاس. (أَوْ يَقْتُلُوكَ) بسيوفهم وخناجرهم (أَوْ يُخْرِجُوكَ) من مكّة.
(وَيَمْكُرُونَ) ويخفون المكائد لك (وَيَمْكُرُ اللهُ) ويخفي الله ما أعدّ لهم حتّى يأتيهم بغتة. أو المراد بمكر الله مجازاته إيّاهم على مكرهم ، أو معاملته معهم معاملة الماكرين. (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) أي : مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيرا.
أو لأنّه لا ينزل إلّا ما هو حقّ وعدل. وإسناد أمثال هذا ممّا يحسن للمزاوجة ، أو لضرب من التأويل. ولا يجوز إطلاقها ابتداء ، لتضمّنه القبح والذمّ ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢))
ثمّ أخبر سبحانه عن عناد هؤلاء الكفّار في الحقّ ، فقال : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ما سطره الأوّلون من القصص. قائله النضر بن الحارث بن كلدة ، فإنّه حين سمع اقتصاص الله أحاديث القرون ، قال : لو شئت لقلت مثل هذا. وهو الّذي جاء من بلاد فارس بنسخة حديث رستم وإسفنديار ، فزعم أنّ هذا مثل ذلك ، وأنّه من جملة الأساطير.
وإسناده إلى الجميع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم ، فإنّه كان قاصّهم.
وقيل : هو قول الّذين ائتمروا في أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهذا غاية مكابرتهم وفرط عنادهم ، إذ لو استطاعوا ذلك فما منعهم عن أن يقولوا مثله؟! وقد تحدّاهم وقرعهم
__________________
(١) أي : لم يبرح ولم يزل من مكانه.