المرتفع.
(وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) إنّما ذكره بالواو لا بالفاء كما في قصّة لوط وصالح ، إذ لم يسبقه ذكر وعد يجري مجرى السبب له ، بخلاف قصّتي صالح (١) ولوط (٢) ، فإنّه ذكر بعد الوعد ، وذلك قوله : (وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) (٣) وقوله : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) (٤) ، فلذلك جاء بفاء السببيّة.
(وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) قيل : صاح بهم جبرئيل عليهالسلام فهلكوا (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) ميّتين. وأصل الجثوم اللزوم في المكان.
(كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها) كأن لم يقيموا فيها (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) شبّههم بهم ، لأنّ عذابهم كان أيضا بالصيحة ، غير أنّ صيحتهم كانت من تحتهم ، وصيحة مدين كانت من فوقهم. و «بعد» بالكسر مخصوص ، بمعنى البعد الّذي يكون بسبب الهلاك. والبعد بالضمّ مصدر : بعد وبعد. والبعد بالفتح مصدر المكسور خاصّة. يقال : بعد بعدا وبعدا ، إذا بعد بعدا بعيدا بحيث لا يرجى عوده.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩))
ثمّ عطف سبحانه قصّة موسى عليهالسلام على ما تقدّم من قصص الأنبياء ، فقال :
__________________
(١ ، ٢) هود : ٦٦ و ٨٢.
(٣ ، ٤) هود : ٦٥ و ٨١.