والتكذيب. والظهريّ منسوب إلى الظهر ، والكسر من تغييرات النسب ، كالأمس يقال له : امسيّ بالكسر.
(إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) قد أحاط بأعمالكم علما ، فلا يخفى عليه شيء منها ، فيجازي عليها.
ثمّ قال تهديدا لهم : (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) لا تخلو المكانة من أن تكون بمعنى المكان ، يقال : مكان ومكانة ومقام ومقامة ، أو يكون مصدرا من : مكن مكانة فهو مكين. والمعنى : اعملوا قارّين على جهتكم الّتي أنتم عليها من الشرك والشنآن لي ، أو اعملوا متمكّنين من عداوتي مطيعين لها.
(إِنِّي عامِلٌ) على حسب ما يؤتيني الله من النصرة والتأييد ويمكّنني (سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) يجوز أن تكون «من» استفهاميّة معلّقة لفعل العلم عن عمله فيها ، كأنّه قيل : سوف تعلمون أيّنا يأتيه عذاب يخزيه وأيّنا هو كاذب. وأن تكون موصولة قد عمل فيها ، كأنّه قيل : سوف تعلمون الشقيّ الّذي يأتيه عذاب يخزيه والّذي هو كاذب. وذكر الفاء في (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) في سورة الأنعام (١) للتصريح بأنّ الإصرار والتمكّن فيما هم عليه سبب لذلك ، وحذفها هاهنا لأنّه جواب سائل قال : فما ذا يكون بعد ذلك؟ فهو أبلغ في التهويل.
(وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) عطف على (مَنْ يَأْتِيهِ) لا لأنّه قسيم له ، كقولك : ستعلم الكاذب والصادق ، بل لأنّهم لمّا أوعدوه وكذّبوه قال : سوف تعلمون من المعذّب والكاذب منّي ومنكم. وقيل : كان قياسه : ومن هو صادق ، لينصرف الأوّل إليهم والثاني إليه ، لكنّهم لمّا كانوا يدعونه كاذبا قال : (وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) على زعمهم.
(وَارْتَقِبُوا) وانتظروا ما أقول لكم (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) منتظر. فعيل بمعنى الراقب كالصريم ، أو المراقب كالعشير بمعنى المعاشر ، أو المرتقب كالرفيع بمعنى
__________________
(١) الأنعام : ١٣٥.