ولمّا تقدّم ذكر الأدلّة على أنّه سبحانه قادر على الإنشاء والإعادة ، عقّبه بالتعجّب من تكذيبهم بالبعث والنشور ، فقال : (وَإِنْ تَعْجَبْ) يا محمّد من قول هؤلاء الكفّار في إنكارهم البعث مع إقرارهم بابتداء الخلق (فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) أي :
حقيق بأن يتعجّب منه ، فإنّ من قدر على إنشاء ما قصّ عليك من الصنائع العجيبة والفطرة البديعة ، ولم يعي بخلقهنّ ، كانت الإعادة أهون شيء عليه وأيسره. والآيات المعدودة كما هي دالّة على وجود المبدأ ، فهي دالّة على إمكان الإعادة ، من حيث إنّها تدلّ على كمال علمه وقدرته ، وقبول الموادّ لأنواع تصرّفاته.
وقوله : (أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) بدل من «قولهم» ، أو مفعول له.
والفاعل في «إذا» محذوف دلّ عليه (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ). ومعناه : أنبعث ونعاد بعد ما صرنا ترابا؟! هذا ممّا لا يمكن. وهذا القول منهم نهاية في الأعجوبة ، فإنّ الماء إذا حصل في الرحم استحال علقة ثمّ مضغة ثمّ لحما ، فإذا مات ودفن استحال ترابا ، فإذا جاز أن يتعلّق الإنشاء بالاستحالة الأولى ، فلم لا يجوز تعلّقه بالاستحالة الثانية؟! (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) أولئك المتمادون في كفرهم الكاملون فيه ، لأنّهم كفروا بقدرته على البعث مع وجود هذه الدلالات الواضحة على صحّته