الّذي يرد الماء ويستقي لهم. وكان هو مالك بن ذعر الخزاعي. (فَأَدْلى دَلْوَهُ) فأرسلها في الجبّ ليملأها ، فتدلّى يوسف بالحبل ، فلمّا خرج إذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان (قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ) نادى : البشرى ، بشارة لنفسه أو لقومه ، كأنّه قال للبشارة : تعالي فهذا أوانك. وقيل : هو اسم لصاحب له ناداه ليعينه على إخراجه. وقرأ غير الكوفيّين : يا بشراي بالإضافة.
قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أعطي يوسف شطر الحسن ، والنصف الآخر لسائر الناس».
وقال كعب الأحبار : كان يوسف حسن الوجه جدّا ، جعد الشعر ، ضخم العينين ، مستوي الخلق ، أبيض اللون ، غليظ الساقين والعضدين ، خميص البطن ، صغير السرّة. وكان إذا تبسّم رأيت النور في ضواحكه ، وإذا تكلّم رأيت في كلامه شعاع النور يلتهب عن ثناياه. وكان حسنه كضوء النهار عند الليل. كان يشبه خلق آدم عليهالسلام يوم خلقه الله عزوجل وصوّره ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية.
ويقال : إنّه ورث ذلك الجمال من جدّته سارة ، وكانت قد أعطيت سدس الحسن.
فلمّا رآه المدلي (وَأَسَرُّوهُ) أي : الوارد وأصحابه من سائر الرفقة. وقيل : أخفوا أمره ، وقالوا لهم : دفعه إلينا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر. وعن ابن عبّاس : الضمير لإخوة يوسف ، وذلك أنّ يهوذا كان يأتيه كلّ يوم بالطعام ، فأتاه يومئذ فلم يجده فيها ، فأخبر إخوته فأتوا الرفقة وأسرّوه ، أي : كتموا أنّه أخوهم ، فقالوا : هذا غلامنا أبق منّا ، فاشتروه من إخوته ، وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه.
(بِضاعَةً) نصب على الحال ، أي : أخفوه متاعا للتجارة. واشتقاقه من البضع ، بمعنى القطع ، فإنّه ما بضع من المال للتجارة. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) بما يصنعون ، لم يخف عليه أسرارهم ، أو صنيع إخوة يوسف بأبيهم وأخيهم.
(وَشَرَوْهُ) أي : باعوه ، أو اشتروه من إخوته. وفي مرجع الضمير الوجهان.