أخذت من مال زيد ثوبا. والثانية ابتدائيّة ، كقولك : سقيت من الحوض ، لأنّ بين الفرث والدم المحلّ الّذي يبتدأ منه الإسقاء. وهي متعلّقة بـ «نسقيكم». أو حال من «لبنا» ، قدّم عليه لتنكيره ، وللتنبيه على أنّه موضع العبرة.
سئل شقيق عن الإخلاص ، فقال : تمييز العمل من العيوب ، كتمييز اللبن من بين فرث ودم.
(خالِصاً) صافيا لا يستصحب لون الدم ولا رائحة الفرث. أو مصفّى عمّا يصحبه من الأجزاء الكثيفة بتضييق مخرجه. (سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) سهل المرور في حلقهم.
بيّن سبحانه في هذه الآية لمن ينكر البعث أنّ من قدر على إخراج لبن أبيض سائغ من بين الفرث والدم من غير أن يختلط بهما ، قادر على إخراج الموتى من الأرض من غير أن يختلط شيء من أبدانهم بأبدان غيرهم.
ثمّ قال تعدادا لنعمة اخرى : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) متعلّق بمحذوف ، أي : ونسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب ، أي : من عصيرهما. وحذف لدلالة «نسقيكم» قبله عليه.
وقوله : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) استئناف لبيان الإسقاء ، أو يتعلّق بـ «تتّخذون».
و «منه» تكرير للظرف تأكيدا ، كقولك : زيد في الدار فيها ، أو خبر لمحذوف صفته (تَتَّخِذُونَ) أي : ومن ثمرات النخيل والأعناب ثمر تتّخذون منه. وتذكير الضمير على الوجهين الأوّلين ، لأنّه للمضاف المحذوف الّذي هو العصير ، أو لأنّ الثمرات بمعنى الثمر. والسكر مصدر : سكر يسكر سكرا وسكرا ، سمّي به الخمر. (وَرِزْقاً حَسَناً) كالتمر والزبيب والدبس والخلّ. والآية جامعة بين العتاب والمنّة.
روى الحاكم في صحيحة بالإسناد عن ابن عبّاس أنّه سئل عن هذه الآية فقال : «السكر ما حرّم من ثمرها ، والرزق الحسن ما أحلّ من ثمرها». وهذا القول