لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠)) ثمّ أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بدعائهم إلى التوبة والإيمان ، فقال : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) يعني : أبا سفيان وأصحابه. والمعنى : قل لأجلهم ، لقوله : (إِنْ يَنْتَهُوا) على صيغة الغائب ، أي : ينتهوا عن معاداة الرسول بالدخول في الإسلام (يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) من الشرك وعداوة الرسول وسائر ذنوبهم. ومنه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الإسلام يجبّ ما قبله».
(وَإِنْ يَعُودُوا) إلى قتاله (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) الّذين تحزّبوا على الأنبياء بالتدمير ، كما جرى على أهل بدر ، فليتوقّعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا.
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) لا يوجد فيهم شرك (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ويضمحلّ كلّ دين ، ويبقى دين الإسلام وحده.
عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغنّ دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ما بلغ الليل ، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض».
(فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الكفر (فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم. وعن يعقوب : تعملون بالتاء ، على معنى : فإنّ الله بما تعملون من الجهاد والدعوة إلى الإسلام ، والإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان بصير ، فيجازيكم عليه أحسن الجزاء. ويكون تعليقه بانتهائهم دلالة على أنّه كما يستدعي إثابتهم للمباشرة ، يستدعي إثابة مقاتليهم للتسبّب.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) وإن لم ينتهوا (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ) ناصركم فثقوا بولاية الله ونصرته ، ولا تبالوا بمعاداتهم (نِعْمَ الْمَوْلى) لا يضيع من تولّاه (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) لا يغلب من نصره.