المشركون وعذّبوهم بمكّة. وهم رسول الله وأصحابه المهاجرون ، ظلمهم قريش ففرّوا بدينهم إلى الله ، منهم من هاجر إلى الحبشة ثمّ إلى المدينة فجمع بين الهجرتين ، ومنهم من هاجر إلى المدينة.
وقيل : هم الّذين كانوا محبوسين معذّبين بمكّة بعد هجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلّما خرجوا تبعوهم فردّوهم ، منهم بلال وصهيب وخباب وعمّار وعابس وأبو جندل وسهيل.
وقوله : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) صفة للمصدر ، أي : تبوئة حسنة.
وقيل : مباءة حسنة. وهي المدينة ، حيث آواهم أهلها ونصروهم. وقيل : لننزلنّهم في الدنيا منزلة حسنة ، وهي الغلبة على أهل مكّة الّذين ظلموهم ، وعلى العرب قاطبة ، وعلى أهل المشرق والمغرب.
(وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) ممّا يعجّل لهم في الدنيا (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) الضمير للكفّار ، أي : لو علموا أنّ الله يجمع لهؤلاء المهاجرين خير الدارين لوافقوهم. أو للمهاجرين ، أي : لو علموا ذلك لزادوا في اجتهادهم وصبرهم.
(الَّذِينَ صَبَرُوا) منصوب المحلّ أو مرفوعه على المدح ، تقديره : أعني الّذين ، أو هم الّذين صبروا على الشدائد ، كأذى الكفرة ، ومفارقة الوطن الّذي هو حرم الله المحبوب في كلّ قلب ، فكيف بقلوب قوم هو مسقط رؤوسهم؟! وعلى المجاهدة وبذل الأرواح في سبيل الله. (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) منقطعين إلى الله ، مفوّضين إليه الأمر كلّه.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٤٥) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٤٧))