وقال سعيد بن المسيّب وجماعة : لا نفل بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. ومنعه جماعة من الفقهاء وأصحابنا ، لما بيّنّا أنّها للإمام القائم مقامه.
وفائدة الجمع بين الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم كفائدته في قوله : (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) (١) على وجه يأتي إن شاء الله. فالمعنى : حكمها مختصّ بالله تعالى ورسوله. وتخصيصها علم بفعل الرسول ، فإنّ فعله حجّة كقوله. وفي الكشّاف (٢) : أن حكمها مختصّ بهما ، الله حاكم ، والرسول منفذ.
عن ابن عبّاس : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال يوم بدر : من فعل كذا فله كذا.
فتسارع الشبّان فقتلوا سبعين وأسروا سبعين ، ثمّ طلبوا نفلهم ، وبقي الشيوخ والوجوه تحت الرايات. فلمّا كانت الغنيمة جاء الشبّان يطلبون نفلهم. فقال الشيوخ : لا تستأثروا علينا ، فإنّا كنّا ردءا ، أي : عونا لكم ، ولو وقعت عليكم الهزيمة لرجعتم إلينا. وجرى التشاجر بينهم ، فنزلت. فقسّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم النفل بينهم بالسويّة.
وعن سعد بن أبي وقّاص : قتل أخي عمير يوم بدر ، فقتلت به سعيد بن العاص ، وأخذت سيفه فأعجبني ، فجئت به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت له : إنّ الله قد شفى صدري من المشركين ، فهب لي هذا السيف. فقال : ليس لي هذا ولا لك. فما جاوزت إلّا قليلا حتّى جاءني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد أنزلت سورة الأنفال ، فقال : يا سعد إنّك سألتني السيف وليس لي ، وإنّه قد صار لي ، فاذهب فخذه.
وقال عبادة بن الصامت : اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا فجعله لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقسّمه بيننا على السواء.
فخاطبنا بقوله : (فَاتَّقُوا اللهَ) في الاختلاف والمشاجرة في الأنفال (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) الحال
__________________
(١) الأنفال : ٤١ ، وسيأتي تفسيرها في ص : ٤٢.
(٢) الكشّاف ٢ : ١٩٥.