نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، افتتح سورة الأنفال بذكره ، ثمّ ذكر ما جرى بينه وبين قومه ، فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَسْئَلُونَكَ) أي : يسألك يا محمّد جماعة من أصحابك (عَنِ الْأَنْفالِ) أي : عن حكمها.
واختلف في الأنفال ما هي؟ فقال ابن عبّاس وجماعة : إنّها غنيمة بدر. وقال قوم : هي أنفال السرايا. وقيل : هي ما شذّ عن المشركين من عبد وجارية من غير قتال. وقال قوم : هو الخمس.
والصحيح ما قال الباقر والصادق عليهماالسلام : إنّها كلّ ما أخذ من دار الحرب بغير قتال ، وكلّ أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال أيضا ، ويسمّيها الفقهاء فيئا ، والأرضون الموات ، والآجام ، وبطون الأودية ، وقطائع الملوك إذا لم تكن مغصوبة ، وميراث من لا وارث له.
(قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ولمن قام مقامه بعده من الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم ، يصرفونها حيث شاؤا من مصالحهم ومصالح عيالهم. وقالا عليهماالسلام : «إنّ غنائم بدر كانت للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة ، فقسّمها بينهم تفضّلا منه صلىاللهعليهوآلهوسلم».
وهو مذهب أصحابنا الإماميّة. ويؤيّده أنّ الأنفال جمع نفل ، وهي الزيادة على الشيء ، سمّي به لكونه زائدا على الغنيمة ، كما سمّيت النافلة نافلة لزيادتها على الفرض ، وسمّي ولد الولد نافلة لزيادته على الأولاد. وقيل : سمّيت النافلة نفلا ، لأنّ هذه الأمّة فضّلت بها على سائر الأمم.
واختلفوا في نسخ هذه الآية ، فقال جماعة من المفسّرين : نعم ، نسخت بآية (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) (١) الآية. وقال الطبري (٢) وأصحابنا : ليست منسوخة. وهو الحقّ ، لعدم المنافاة بينها وبين آية الخمس ، لما ذكرنا من المغايرة بين الموضوعين.
__________________
(١) الأنفال : ٤١.
(٢) تفسير الطبري ٩ : ١١٩.