محكمة أحسن الإحكام ثمّ مفصّلة أحسن التفصيل ، وفلان كريم الأصل ثمّ كريم الفعل.
(مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ) أحكمها (خَبِيرٍ) فصّلها وبيّنها. هذه صفة اخرى لـ «كتاب» ، أو خبر بعد خبر ، أو صلة لـ «أحكمت» أو «فصّلت». وهو تقرير لإحكامها وتفصيلها على أكمل ما ينبغي ، باعتبار ما ظهر أمره وما خفي.
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) مفعول له ، أي : لأن لا تعبدوا. وقيل : «أن» مفسّرة ، لأنّ في تفصيل الآيات معنى القول ، كأنّه قيل : قال لا تعبدوا إلّا الله ، أو أمركم أن لا تعبدوا إلّا الله ، أي : أمركم بالتوحيد. ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ للإغراء على التوحيد ، أو الأمر بالتبرّي من عبادة الغير ، كأنّه قيل : ترك عبادة غير الله ، بمعنى : الزموه. (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ) من الله (نَذِيرٌ) بالعقاب على الشرك (وَبَشِيرٌ) بالثواب على التوحيد.
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) عطف على «أَلَّا تَعْبُدُوا» (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) ثمّ توصّلوا إلى مطلوبكم بالتوبة ، فإن المعرض عن طريق الحقّ لا بدّ له من الرجوع.
والمعنى : استغفروا من الشرك ثمّ توبوا إلى الله تعالى بالطاعة. أو استغفروا ، والاستغفار توبة ، ثمّ أخلصوا التوبة ـ الّتي هي الاستغفار ـ واستقيموا عليها. فإيراد «ثمّ» لتفاوت ما بين الأمرين.
(يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً) يعيّشكم في الدنيا بالنعم السابغة ، والمنافع المتتابعة الدينيّة والماليّة (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو آخر أعماركم المقدّرة ، كقوله : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) (١). أو لا يهلككم بعذاب الاستئصال. والأرزاق والآجال وإن كانت متعلّقة بالأعمار ، كما ورد في الحديث أنّ الصدقة تزيد
__________________
(١) النحل : ٩٧.