(دَعَوُا اللهَ) عند نزول هذه الشدائد (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) من غير إشراك ، لتراجع الفطرة ، وزوال المعارض من شدّة الخوف. وهو بدل من «ظنّوا» بدل الاشتمال ، لأنّ دعاءهم من لوازم ظنّهم الهلاك ، فهو ملتبس به. والجملة الشرطيّة بعد «حتّى» بما في حيّزها غاية للتسيير ، فكأنّه قال : هو الّذي يسيّركم حتّى وقعت هذه الحادثة ، وكان كيت وكيت ، من مجيء الريح العاصف ، وتراكم الأمواج ، والظنّ بالهلاك ، والدعاء بالإنجاء خالصا ومخلصا.
(لَئِنْ أَنْجَيْتَنا) يا ربّ (مِنْ هذِهِ) الشدّة (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أي : من جملة من يشكرك ، على إرادة القول ، أو مفعول «دعوا» لأنّه من جملة القول.
(فَلَمَّا أَنْجاهُمْ) أخلصهم الله تعالى من تلك المحن إجابة لدعائهم (إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ) فاجئوا الفساد فيها ، وسارعوا إلى ما كانوا عليه (بِغَيْرِ الْحَقِ) مبطلين فيه. وهو احتراز عن تخريب المسلمين ديار الكفرة وإحراق زروعهم وقلع أشجارهم ، فإنّها إفساد بحقّ.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) فإنّ وباله عليكم ، وإنّما بغيكم على أمثالكم وأبناء جنسكم (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) منفعة الحياة الدّنيا لا تبقى ، ويبقى عقابها. ورفعه على أنّه خبر «بغيكم» و «على أنفسكم» صلته ، أو خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : ذلك متاع الحياة الدنيا ، و «على أنفسكم» خبر «بغيكم» ونصبه حفص على أنّه مصدر مؤكّد ، أي : تمتّعون متاع الحياة الدنيا. أو مفعول البغي ، لأنّه بمعنى الطلب ، فيكون الجارّ من صلته والخبر محذوف ، تقديره : بغيكم متاع الحياة الدّنيا محذور أو ضلال. أو مفعول فعل دلّ عليه البغي ، و «على أنفسكم» خبر.
(ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ) في الآخرة (فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بالجزاء عليه.
وروي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ثنتان يعجّلهما الله في الدنيا : البغي ، وعقوق الوالدين».
وعن ابن عبّاس : لو بغى جبل على جبل لدكّ الباغي.